عندما يبدأ الزوج بالتقصير في مسؤولياته، تشعر الزوجة بعبء نفسي كبير وضغط متواصل. ولكن طريقة التعامل مع هذا الموقف هي التي تصنع الفارق بين تفاقم المشكلة أو احتوائها. فتقصير الزوج في مسؤولياته داخل البيت أو خارجه يُعد من أكثر الأمور التي ترهق الزوجة نفسيًا وجسديًا. حيث تتعدد أشكال هذا التقصير، فقد يكون في النفقة، أو في تربية الأبناء، أو حتى في المشاركة الوجدانية والدعم العاطفي. لكن في كل الأحوال، الرد الانفعالي لن يحل المشكلة. والمطلوب هو التعامل بذكاء، واحتواء الموقف بأسلوب يوازن بين الصبر والحزم، وبين اللين والوضوح. وفي هذا المقال، سنستعرض طرقًا عملية للتعامل مع الزوج المقصر والتي ستساعدكي في إيصال مشاعرك له بطريقة مؤثرة وواضحة.
كيف تتعاملين مع الزوج المقصر في مسؤولياته؟
1. افهمي الدافع خلف التقصير... ولا تظلمي زوجك بسرعة
أحيانًا يكون تقصير الزوج ناتجًا عن ظروف قاسية لا يُفصح عنها. ضغوط العمل، أو المشكلات المالية، أو حتى التوترات النفسية، قد تُفقده القدرة على أداء دوره الطبيعي في البيت. لذلك لا تبادري بالاتهام، بل ابحثي عن السبب بهدوء.
فمثلاً قولي له:
"يا أبو عيالي، أنا ماني جايه أعاتبك، بس أبي أفهم وش صاير؟ من فترة ما عاد تهتم لا بالمصاريف ولا بالعيال، حتى كلامك صار قليل. إذا فيك شي مضايقك، قولي، أنا شريكتك، وما راح أكون ضدك."
2. تجنّبي الهجوم... واختاري الوقت المناسب للكلام
أوقات التعب أو الغضب ليست مناسبة لفتح حوار حول تقصيره، لأن أي كلمة وقتها ممكن تُفهم غلط. اختاري وقت يكون فيه مرتاح نفسيًا، وابدئي الحديث من منطلق المشاركة وليس الاتهام.
فمثلاً قولي له:
"يا فلان، تراك غالي علي، وما ودي أكبّر الأمور، بس ودي نفضفض شوي، أحس إني وحدي اللي أركض في هالبيت. أبيك معي، مو بس بالجسم، شاركنا حياتنا أنا وولادك."
3. عبّري عن شعورك بأمانة… لكن بدون تجريح
التعبير عن المشاعر جزء مهم من التفاهم، لكن لا بد يكون بأسلوب راقٍ يبيّن الأثر من غير ما يجرح. الرجل قد لا يعي حجم الأثر إلا إذا سمعه بشكل واضح منك.
فمثلاً قولي له:
"ترى لما أرجع من دوامي وأطبخ وأذاكر مع العيال وأنت جالس بالجوال، أحس إني أنضغط فوق طاقتي. ماني سوبرمان، أنا إنسانة، وأحتاج شريك يشيل معي."
4. قسّمي المهام معه... واشركيه بالحل لا بالمشكلة فقط
بدل ما تتحولين لمصدر للشكوى، اطرحي عليه الحلول. اجعليه شريك في القرار، لا متلقي للعتاب فقط. رتبي المهام والالتزامات معًا، ووزعيها بطريقة واقعية.
فمثلاً قولي له:
"وش رايك نقعد سوا ونكتب الأشياء اللي علينا هالشهر؟ أنا أقدر أتحمل مصاريف المدارس، بس المشتريات والفواتير عليك. بهالطريقة نرتاح كلنا ونكون واضحين."
5. امدحي أي تحسن من زوجكي ولو كان بسيطًا
التقدير يُحفّز الرجل على العطاء، حتى لو ما كان التغيير كامل. امدحي جهوده الصغيرة، واشكريه على أي بادرة، لأن هذا يشعره أن تعبه له قيمة.
فمثلاً قولي له:
"والله يا فلان، فرحت يوم شفتك تراجع مع العيال. والله حسيت إنك فعلاً معي، ومو بس أنا اللي شايلة الهم. الله يعطيك العافية، ترى هالشي عندي بالدنيا كلها."
6. استعيني بطرف حكيم عند الضرورة... لكن بحذر
إذا استمر التقصير رغم محاولاتك، وما عاد فيه تجاوب، فربما يكون من المناسب إدخال طرف ثالث يكون حكيمًا ويحبه الزوج ويثق فيه، بشرط أن يكون الحديث خاصًا ومحترمًا.
فمثلاً قولي له:
"يا فلان، تعبت وأنا أحاول أصلح الحال بيني وبينك، بس أحسك مو حاس فيني. فكرت أكلم خالك، يمكن يقدر يقنعك بشي أنا ما قدرت أوصله لك. مو علشان أشتكي، بس علشان ما نخسر بعض."
7. لا تتنازلي عن حقوقك في سبيل الصبر واستمرار الحياة
الصبر لا يعني الإهمال الكامل لحقوقك. إذا استمر الزوج في تقصيره، وتجاهل كل محاولات الإصلاح، فلابد من وضع حد وحسم الموقف بطريقة تحفظ كرامتك.
فمثلاً قولي له:
"أنا صابرة من زمان، وأتحمّل، وأقول بيت وعيال، بس والله ما عاد فيني. يا تبادر وتتحمل مسؤوليتك كزوج وأب، يا نعيد حساباتنا. ما أقدر أعيش بدور الخدامة، أنا زوجتك، وشريك حياتك، مو ظل في البيت."
8. لا تجعلي أطفالك وسيلة ضغط… لكن احميهم
عندما يقصّر الزوج في مسؤولياته، خاصة التربوية أو العاطفية تجاه الأبناء، تشعر الأم بأنها مطالبة بسد هذا الفراغ. لكن من الخطأ استخدام الأطفال كسلاح لإثارة الشعور بالذنب. احرصي على حماية مشاعر أطفالك، وفي نفس الوقت، واجهي زوجك بما يحدث بطريقة حكيمة.
فمثلاً قولي له:
"تدري وش يقهرني؟ يوم ولدي يسألني: 'بابا ليه ما يلعب معنا مثل أول؟'… سكت وما قدرت أرد. مو علشان أحرجك، بس علشان قلبي انكسر عليه. ودي يرجع يحس بحنان أبوه مثل أول."
9. لا تسمحي بأن يتحول التقصير إلى عادة
من أسوأ ما يمكن أن يحدث هو أن تعتادي على تقصيره وتُطبعِي نفسك على الصبر بلا نتيجة. السكوت المستمر يعطيه إيحاء بأن ما يفعله مقبول، وأنكِ سترضين دائمًا. لذلك لا بد من مصارحته عند كل تجاوز يُثقل عليكِ.
فمثلاً قولي له:
"تراك صرت تعوّدني على غيابك، على سكوتك، على عدم وجودك وقت ما أحتاجك. وأنا ما أبي أتعوّد على هالشي، لأني لو تعودت، بخاف ما عاد تفرق معي، ولا أشتاق لك."
10. حفزيه على استعادة دوره دون أن تُحبطيه
أحيانًا يفقد الرجل دافعيته بسبب الفشل أو الإحباط، فيظن أنه لا قيمة له في البيت. وهنا يأتي دورك كزوجة في أن تذكّريه بمكانته، وتشجعيه على النهوض مجددًا، دون أن تُشعريه بالنقص.
فمثلاً قولي له:
"أنا دايم أقولها: فلان إذا وقف، البيت كله يوقف معه. وجودك يعطينا أمان، وأنا وعيالك نثق إنك قدها. بس نحتاج نشوفك ترجع مثل أول، ويمكن أقوى."
11. عالجي التقصير العاطفي كما تعالجين التقصير المادي
كثير من الزوجات يركزن على التقصير المالي أو العملي، وينسين أن التقصير العاطفي مؤلم أكثر. إذا غاب الاهتمام، الكلمة الطيبة، الاحتضان، الحوار… يصبح البيت كئيبًا حتى لو كانت كل الفواتير مدفوعة.
فمثلاً قولي له:
"ما أبي ورد ولا هدايا، أنا بس أبي تسأل عني إذا تعبت، تضمني إذا بكيت، تضحك معي وأنا أطبخ. ترى حناني لك ما نقص، بس قلب المرأة يذبل إذا ما ارتوى بكلمة حلوة."
12. راقبي نفسك… لا تتحولين إلى زوجة قاسية بسبب تقصيره
التقصير المستمر ممكن يخليك تتحولين من زوجة محبة إلى إنسانة باردة، أو حتى عنيدة وقاسية. لذلك، انتبهي لمشاعرك، وراجعي نفسك دائمًا، ولا تسمحي لتراكم الألم أن يطمس قلبك أو يطفئ أنوثتك.
فمثلاً قولي له:
"تدري وش تغير فيني؟ مو لأنك بعيد عني، لا… لأني حسّيت إني أنكسرت كثير، وتحولت لوحدة غيري. أبي أرجع أضحك معك من قلبي، بس أبيك ترجع تهتم فيني مثل زمان."
13. التغيير لا يحدث بيوم وليلة… اصبري ولكن بوعي
من المهم أن تعطيه وقتًا معقولًا للتغير، لكن دون أن تتوهّي في الانتظار. راقبي التقدم، ولو كان بسيطًا، وكوني واعية إذا وصل الأمر إلى طريق مسدود.
فمثلاً قولي له:
"أنا ما أطلب منك تصير مثالي بيوم وليلة، بس أبي أشوف إنك تحاول. كل خطوة تسويها، مهما كانت صغيرة، تراها عندي كبيرة. بس لا تخليني أنتظر وأنت مكانك."
وختاماً، يمكن القول إن التعامل مع الزوج المقصر في مسؤولياته يتطلب وعيًا عاطفيًا وسلوكيًا عاليًا من الزوجة. الصمت الدائم يُضعف العلاقة، والانفجار المفاجئ يهدمها. الحل يكمن في التدرج بالحوار، وفهم الأسباب، وتقديم الحلول، لكن دون التنازل عن كرامتك. فإن تجاوب الزوج، فذلك خير، وإن أصرّ على التقصير، فلكي الحق أن تحسمي موقفك بما يحميكي ويحمي استقرار أبنائك.
تعليقات
إرسال تعليق