تمرّ العلاقات الزوجية بمشاكل معقّدة، لكن أكثرها إرهاقًا للرجل هو شعوره بأن زوجته تفتعل المشاكل باستمرار، وفي أوقات غير مناسبة، وبدون سبب منطقي ظاهر. فهذه التصرفات، إذا لم تُفهم بشكل صحيح، قد تُسبب التباعد العاطفي وربما النفور التام بين الزوجين، بينما الحقيقة أن خلف كل "افتعال للمشاكل" هناك غالبًا رسالة مشوّشة، أو شعور متكرر بالإهمال، أو طريقة خاطئة للفت النظر من الزوجة. وفي هذا المقال، سنقدم لك دليلًا شاملًا حول كيفية التعامل مع الزوجة التي تفتعل المشاكل.
كيف تتعامل مع الزوجة التي تفتعل المشاكل؟
1. ميّز بين افتعال المشاكل وطلب الانتباه
بعض الزوجات لا يجدن وسيلة للتعبير عن الاحتياج العاطفي إلا عبر الغضب والانفعال. فتخلق توترًا أو تبدأ بنبرة اتهامية لتثير اهتمام الزوج وتجبره على التفاعل معها، لأن محاولاتها اللطيفة غالبًا ما تُقابل بالتجاهل.
فما الذي يجب أن يفعله الزوج بهذه الحالة؟
افهم أن كثيرًا من هذه "المشاكل" ليست رغبة من زوجتك في وجود المشاكل، بل هي صرخة غير مباشرة تقول لك فيها: "أنا أفتقدك"، "أشعر أنك بعيد"، "أحتاج اهتمامك الآن".
فمثلاً:
لو قالت لك زوجتك: "واضح إنك ناسي إني موجودة أصلاً بحياتك"،
يجب أن تقول: "لا والله، بس أحيانًا أنشغل وأقصر، بس ما يعني إنك مو في بالي. تعالي نطلع بكرة سوا".
2. لا تُضخم الخلافات الصغيرة وتعتبرها تهديدًا للعلاقة
قد يحدد تصرف الزوج وقت الغضب مسار العلاقة أكثر من سبب المشكلة نفسه. فبعض الرجال يبالغون في تقييم الموقف، ويعتقدون أن كل خلاف هو مؤشر على أن الزواج ينهار، بينما هي مجرد لحظة انفعال مؤقتة.
فما الذي يجب أن يفعله الزوج بهذه الحالة؟
طبق "الهدوء الاستراتيجي"؛ لا تتهرب، ولا تهدّد، بل عامل الموقف كحدث عابر لا يستحق التضخيم.
فمثلاً:
لو قالت لك زوجتك: "واضح إنك ما تبيني خلاص"،
يجب أن تقول: "ليه تقولين كذا؟ زعل لحظة ما يلغينا من حياة بعض، خلينا نهدأ شوي ونفهم وش السبب".
3. افهم خلفية زوجتك النفسية والتربوية
الزوجة قد تكون نشأت في بيت فيه صراخ دائم، أو أم سريعة الانفعال، أو أب يتجاهل الحوار، فيتشكل عندها مفهوم خاطئ عن التعبير: الصراخ = وسيلة للفت الانتباه.
فما الذي يجب أن يفعله الزوج بهذه الحالة؟
بدل الانفعال، اسأل نفسك: "هل هذا أسلوب تبرمجت عليه؟"
ثم حاول أن تعلّمها عبر المواقف اليومية كيف يمكن التعبير عن أي شيء بحياتنا بهدوء.
فمثلاً:
لو قالت لك زوجتك: "ما عمرك فهمتني ولا راعيتني"،
يجب أن تقول: "يمكن لأني متعود على أسلوب مختلف، بس علميني شلون أقدّر شعورك بطريقتك".
4. احتوي زوجتك أولاً... ثم ناقشها لاحقاً
أكبر خطأ يقع فيه الزوج هو مواجهة الزوجة وقت الغضب بالنقد أو التبرير أو المحاسبة. حين تكون مشاعرها في قمة الانفعال، فإن عقلها العاطفي هو المسيطر، وأي محاولة للتحليل المنطقي تُفهم على أنها تهرّب من تجاهل لمشاعرها أو تقليل من شأن ألمها. فالمرأة في لحظة الغضب لا تنتظر شرحًا عقلانيًا، بل تنتظر من يحتوي انفعالها.
فما الذي يجب أن يفعله الزوج بهذه الحالة؟
ابدأ بالاحتواء: الإنصات التهدئة الاعتراف بالمشاعر. ثم بعد مرور المشكلة، ناقش بهدوء أسباب وحلول المشكلة.
فمثلاً:
لو قالت لك زوجتك: "أنت دايم تصدني إذا تكلمت"،
يجب أن تقول: "يمكن وقتها كنت مشغول أو مشتت، بس صدقيني أسمعك الآن، وش اللي بخاطرك؟"
5. استخدم الدعابة لكسر حدة الموقف
الفكاهة، حين تُستخدم بذكاء وحنان، قادرة على إذابة التوتر وإعادة التوازن للعلاقة. لكنها يجب أن تكون خفيفة، دون تهكم، ولا تُقلل من قيمة المشكلة.
فما الذي يجب أن يفعله الزوج بهذه الحالة؟
ابحث عن زاوية طريفة في الحدث دون أن تمس جوهر مشاعرها، وابدأ منها لتخفيف التصعيد.
فمثلاً:
لو قالت لك زوجتك: "نسيانك عيد زواجنا مو شي بسيط!"
يجب أن تقول: "أنا ما أنسى إنكِ زينتي وكل أعيادي، بس ترى عقلي يحتاج تحديث كل سنة زي الجوال".
6. اتفق انت وزوجتك على حدود الخلاف
الخلاف أمر طبيعي، لكن ما يجعله مؤذيًا هو غياب الحدود. يجب أن تتفقا مسبقًا على ضوابط أساسية عند وجود خلاف مثل:
– لا تقليل من الكرامة
– لا تهديد بالطلاق
– لا إهانات أمام الأبناء
فما الذي يجب أن يفعله الزوج بهذه الحالة؟
اختر وقتًا هادئًا وتحدث معها عن أهمية هذه الحدود وأنها لا تعني تقييد التعبير بل تنظيمه.
فمثلاً:
لو قالت لك زوجتك: "لو مو عاجبك اطلقني!"
يجب أن تقول: "وشفيك تقولين كذا؟ احنا متفاهمين إن الطلاق مو حل للمشكلة، خلينا نرجع نتفاهم بهدوء".
7. اعرف متى تنسحب بهدوء
الاستمرار في النقاش وقت التوتر الشديد يزيد الانفجار. أحيانًا، أفضل ردّ هو الانسحاب المؤقت، مع وعد بالعودة للحوار بعد الهدوء.
فما الذي يجب أن يفعله الزوج بهذه الحالة؟
قل لها بهدوء أنك ستنسحب لتجنب الانفعال، وستعود لاحقًا للحوار.
فمثلاً:
لو قالت: "إيه، كعادتك تهرب"،
يجب أن تقول: "ما أهرب، بس لو كملت وأنا معصب بقول كلام أندم عليه، برجع لك بعد شوي نكمل بهدوء".
8. لا تجعل تدخلات الأهل تزيد الطين بلّة
الطرف الثالث، حتى لو كان ناصحًا، قد يُفسر الموقف تفسيرًا خاطئًا ويزيد من الضغط. الحوار بين الزوجين يجب أن يكون خط الدفاع الأول.
فما الذي يجب أن يفعله الزوج بهذه الحالة؟
اطلب منها باحترام أن تُبقي الأمور بينكما، وأنه كلما كبرت الدائرة زاد التعقيد.
فمثلاً:
لو قالت لك: "راح أقول لأمي كل شي!"
قول: "أنا ما ودي أحد يدخل، مو تقليل من أمك، بس لأننا احنا نعرف بعض أكثر، ونقدر نحلها سوا".
9. لا ترد بحدة حتى لو كنت على حق
رد الفعل الحاد يلغي قيمة الحقائق التي تحملها. لو أنك على صواب، فالصواب يفقد بريقه إذا قُدّم بقسوة.
فما الذي يجب أن يفعله الزوج بهذه الحالة؟
اختر كلماتك بعناية، وكن ثابتًا على كلامك الصحيح دون أن تكون خشنًا.
فمثلاً:
لو قالت لك: "كل شي يصير بسببك"،
قول: "خليني أسمعك أول، وإذا كنت غلطان بعتذر، بس نبغى نحلها مو نجلد بعض".
10. لا تربط كل خلاف بأخطاء سابقة
العودة إلى الماضي في كل خلاف تفتح جروحًا لا تلتئم. ركّز على الحاضر.
فما الذي يجب أن يفعله الزوج بهذه الحالة؟
اضبط نفسك حين تبدأ زوجتك بتذكيرك بالماضي، وذكّرها كذلك بأن الماضي تم تجاوزه.
فمثلاً:
لو قالت لك: "زي يوم سافرنا وجيت متأخر"،
يجب أن تقول: " اللي صار صار وقتها، خلينا نركز في اللي مضايقك اليوم، ما أبي نرجع لنفس الدوامة".
11. خصص وقتًا أسبوعيًا للحوار الهادئ
العلاقة تحتاج صيانة عاطفية، والحوار الدوري يمنع تراكم المشاكل الصغيرة.
فما الذي يجب أن يفعله الزوج بهذه الحالة؟
حدد وقتًا أسبوعيًا، وليكن ثابتًا، تتحاوران فيه عن كل ما يشغلكما.
فمثلاً:
يجب أن يقول الزوج لزوجته : "وش رايك كل خميس نسولف عن اللي مضايقنا بدون مشاكل؟ حتى نرتاح ونعيش أسهل".
12. راقب نبرة صوتك وتعابير وجهك وقت المشكلة
غضبك قد لا يكون في الكلمات، بل في الصوت، أو النظرة، أو حركة اليد. الانفعالات الصامتة أكثر تأثيرًا مما تظن.
فما الذي يجب أن يفعله الزوج بهذه الحالة؟
تدرّب على الحديث بصوت منخفض، واستخدم لغة جسد مطمئنة لزوجتك.
فمثلاً:
لو قالت لك: "ليش تعصب؟"،
يجب أن تقول: "ما أعصب، بس يمكن صوتي عالي بالغلط، صدقيني أبغى أتكلم بهدوء".
13. لا تُشعر زوجتك أن كل شيء فيها يحتاج تغيير
الزوجة إن شعرت أنها دائمًا مخطئة، تفقد الرغبة في التغيير وتتحوّل لشخصية مدافعه عن نفسها.
فما الذي يجب أن يفعله الزوج بهذه الحالة؟
أظهر تقديرك لمميزاتها، واطرح ملاحظاتك على شكل اقتراح لا نقد.
فمثلاً:
لو قالت لك: "ما يعجبك شي!"
قول: "بالعكس، يعجبني فيك أشياء كثيرة، بس بعض الأمور نقدر نطورها عشان نرتاح أكثر".
14. ابدأ التغيير من نفسك
العلاقات تُبنى بالقدوة. إذا أردت تغييرها، غير أسلوبك أولًا، وستتبعك تلقائيًا.
فما الذي يجب أن يفعله الزوج بهذه الحالة؟
غيّر ردود فعلك، اصبر أكثر، تحاور بأسلوب راقٍ. ثم راقب الفرق.
فمثلاً:
يجب أن يقول الزوج لزوجته: "أنا لاحظت لما أسمعك للنهاية بهدوء، حتى أسلوبك يصير أهدأ. فشكلي أحتاج أركز على نفسي أول".
15. لا تتردد في طلب استشارة زوجية
إذا فشلت المحاولات الداخلية، فالمساعدة الخارجية ليست ضعفًا، بل وعي ومسؤولية.
فما الذي يجب أن يفعله الزوج بهذه الحالة؟
ابحث عن استشاري أسري موثوق، واذهب معها لجلسة حوارية مشتركة.
فمثلاً:
يجب أن يقول الزوج لزوجته: "وش رايك نجرب جلسة عند مختص؟ مو لأننا فشلنا، بس لأننا نبغى ننجح أكثر".
وختاماً، فالزوجة التي تفتعل المشاكل لا تطلب شجارًا بقدر ما تبحث عن فهم، واهتمام، واحتواء. فحين يفهم الزوج ما وراء الانفعال، ويتعامل بحكمة وذكاء عاطفي، تتحول أصعب المواقف إلى جسر للتقارب لا للنفور. فالحياة الزوجية تحتاج عقلًا ناضجًا، لا ردّ فعل سريع.
تعليقات
إرسال تعليق